قضايا السب والقذف فى السعودية هي واحدة من القضايا التى زادت في الفترة الأخيرة خصوصا بعد التطور الهائل والكبير الذى حدث في التكنولوجيا ووسائل التواصل الإجتماعى، هذا التطور كان له مقاصد إيجابية إلا أنه هناك العديد من الأشخاص الذين استعملوه لأغراض غير إيجابية وسيئة، العقوبة التى تنتج عن قضايا السب والقذف مما لا شك فيه يستحقها كل شخص سيء الأخلاق والذي خرج عن النص وعن تعاليم الدين الإسلامى وأيضا عن الأخلاق الإسلامية، لذلك فإنه من المؤكد أن هؤلاء الأشخاص يتبعون طريق ليس له علاقة بالأخلاق أو الدين لذلك فإنهم يستحقون العقوبة التى تفرض عليهم.
في البداية يجب التعرف على المقصود بكل من السب والقذف والتشهير لفهم هذه المصطلحات ومدى سوء من يقوم بأحد هذه الأفعال، كذلك الضرر الكبير الذي يسببه للمجنى عليه.
السب هو أن يقوم شخص بخدش كرامة أو شرف شخص آخر بشكل متعمد ومقصود ودون الأخذ فى الاعتبار أى من الأضرار التي يمكن أن تحدث نتيجة لهذا السب، مثل أن يقول شخص لآخر أنت كاذب أو أنت سارق.
السب مما لا شك فيه جريمة ولكن هذه الجريمة لها ركنين أساسيين هما المادى والمعنوى، الركن المادي هو الركن الذي يعاقب عليه القانون فى الأغلب لأنه هو الإيذاء بتعمد مع وجود نية فى ذلك ومعرفة من يقوم بالسب بخطورة ما يقوم به.
أيضا يمكن تعريف السب أو الشتم على أنه هو القيام بقول ألفاظ خادشة للحياء وغير لائقة لشخص ما سواء كانت موجودة به أو لا وهدف هذه الألفاظ هو التقليل من كرامة وشرف الشخص وتشويه سمعته بين الناس.
القذف يقصد به قيام الجانى بإلصاق فعل معين ومحدد بالمجنى عليه سواء كان الفعل حقيقي أو كان كاذب ومزيف، بينما التشهير يقصد به قيام الجانى بالتصريح عن شخصية المجنى عليه بطريقة أو أخرى، يمكن القول ان أكثر مكان يحدث فيه التشهير هو وسائل التواصل الإجتماعي أو الصحف وغيرها من الوسائل المشابهة.
تحكم المحكمة فى قضايا السب والقذف لصالح المجنى عليه بعد أن يتم إثبات الجريمة التي تعرض لها، أصبح فى يومنا هذا من السهل إثبات هذه الجريمة مقارنة بالماضي، لأنه فى الماضى كان الإعتماد فى هذا النوع من القضايا على الشهود كدليل أساسى ولا بد منه لإدانة المتهم.
بعد التطور التكنولوجى الهائل أصبح الإعتماد فى إثبات الجريمة وتأكيدها على الصور والرسائل والمحادثات الواردة والتى يكون بها اسم الجاني مرتكب الجريمة.
يتم التأكد منها عن طريق تأكيد صحة الرقم لإسمه، ليتم إثبات ما ورد فى هذه الرسائل من أقوال وكتابة، ويتم تسجيل الفيديوهات والمكالمات التي بها سب وقذف للشخص.
من الضروري أن يكون الدليل خادم للقضية وأن يكون مرفق بالدعوى، ومن المهم أيضا أن يكون الدليل مؤكد ارتكاب الجانى الفعل لكي يتم إيقاع عقوبة السب والقذف عليه، ولا بد من أن يوضح هوية الذى ارتكب الجريمة، لأن القاضى يقوم بالحكم على الشخص الذى ارتكب الفعل حكم تعزيري.
يوجد فى المملكة العربية السعودية العديد من التقنيات التكنولوجيا الحديثة التى يمكن عن طريقها إثبات جريمة السب والقذف، لكن من المهم أن يلتقط المجنى عليه لقطات للشاشة تثبت الجريمة التى تعرض لها. أيضا يجب أن يحتفظ بالفديوهات والمحادثات فى حالة وجودها، لأنه سوف يتم فحص هذه البيانات والمعلومات عن طريق مجموعة من الخبراء والمختصين وعند إثبات الجريمة سوف يتم الحكم على الجاني بحكم يتماشى مع الجريمة التي قام بها.
يتم النظر في قضايا السب والقذف عن طريق المحكمة الجزائية، يوجد حقين فى هذا النوع من القضايا وهما الحق الخاص والحق العام.
المدعي العام هو من يقوم بالمطالبة بالحق العام، بينما الشخص المتضرر من جريمة السب والقذف يحق له المطالبة بتعويض كامل وأيضا بالحكم على الجانى فى هذه الحالة يكون للقاضى سلطة التقدير فى فرض العقوبة.
جرائم السب والقذف التى تتم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مثل واتساب وتويتر والفيسبوك وانستقرام أو من خلال الرسائل النصية او عن طريق البريد الإلكترونى، فإنها جميعا تخضع ويطبق عليها العقوبات التى تم ذكرها في نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية.
عقوبة السب والقذف فى الحق الخاص وفقا لما جاء فى المادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية هى من يرتكب هذه الجرائم يحكم عليه بالسجن لمدة لا تزيد عن سنة وغرامة مالية لا تزيد عن خمسمائة ألف ريال، ويمكن الاكتفاء بإحدى العقوبتين.
بينما عقوبة السب والقذف فى الحق العام أو التى تتعلق وترتبط بالنظام العام والقيم الدينية أو الأخلاقية والحياة الخاصة يتم تطبيق وتنفيذ المادة السادسة من الجرائم المعلوماتية ووفقا لطلب من المدعى العام، يتم العقوبة بالسجن لمدة لا تزيد عن خمس أعوام بالإضافة إلى غرامة مالية لا تتخطى الثلاث ملايين ريال سعودى، ويمكن الاكتفاء بإحدى العقوبتين.
قضايا السب والقذف من القضايا التى لها حق خاص وحق عام، لكن هذا النوع من القضايا فيه أولوية للحق الخاص عن الحق العام، فى ما يلي توضيح لكل من الحق الخاص والحق العام :
جريمة السب والقذف من الممكن ان تكون سبب في حصول أذي نفسي لمن يتعرض لها بسبب السب والقذف الذي حصل له، وبالتالي يجب معاقبة الجاني على فعلته السيئة للغاية.
فرض النظام الجزائي السعودي عقوبات في حق مرتكبي السب والقذف، ويتم تحديدها وتقديرها عن طريق القاضى بعد قرائة القضية ومعرفة الأضرار التي حدثت نتيجة للجريمة.
لا بد على الشخص الذى تعرض إلى جريمة السب والقذف أن يقوم بتقديم بلاغ فى مركز الشرطة القريبة من مكان سكنه أو أن يقوم برفع دعوى سب وقذف بشكل مباشر فى المحكمة المختصة للقيام بالأمور اللازمة لإرجاع الحق
الحق العام هو حق المجتمع فى الجرائم التى تتعلق بأمن واستقرار المجتمع أو التى تتعلق بأخلاقيات ومبادئ المجتمع أو التى تعود بصور سيئة وسلبية على المجتمع، ويتم معاقبة من يقوم بها.
معروف أن الحق الخاص هو الأكثر حدوثا فى قضايا السب والقذف إلا أن قضايا السب والقذف بها أيضا حق للمجتمع بسبب النتائج المترتبة عليها من نشر الفساد والأخلاق الفاسدة داخل المجتمع، لذلك فإن المجتمع أيضا له الحق فى معاقبة مرتكب الجريمة خصوصا الجريمة التى تتعلق بأخلاقيات المجتمع، هنا يأتى دور المدعي العام فى قضايا السب والقذف حيث أنه يطلب الحق العام فى الدعوى.
سواء كانت القضايا ذو حق خاص أو ذو حق عام فإنه من المهم اللجوء إلى محامى متخصص للحصول على أفضل وأحسن استشارة قانوينة ممكنة وأيضا المساعدة فى تنفيذ كافة الإجراءات اللازمة لتقديم البلاغ ومتابعته في حالة كان الشخص هو المجنى عليه أو للدفاع عن الشخص ومحاولة إثبات البراءة فى حالة كان هو الجاني.